Accueilالاولىرابح الخرايفي* : لماذا ستنظم دستوريا الإنتخابات الرئاسية في خريف سنة 2024

رابح الخرايفي* : لماذا ستنظم دستوريا الإنتخابات الرئاسية في خريف سنة 2024

لقد ثار جدل منذ صدور دستور 25 جويلية 2022 الذي عوض دستور 27 جانفي 2014 ، حول عدم معرفة تاريخ تنظيم الانتخابات الرّئاسية، واخذ أوجه إعلامية وسياسية ودستورية. وتمثل مضمون هذا الجدل في طرح عدة أسئلة ومنها: هل ستنجز هذه الانتخابات في خريف 2024 (شهر سبتمبر أو أكتوبر) وهو ما يتوجب على رئيس الجمهورية إصدار أمر دعوة الناخبين قبل 15 جوان 2024 أم ستؤجل لتاريخ أخر لاحق لا نعلم متى ،ومن سيحدد هذا التاريخ هل هو رئيس الجمهورية أم مجلس نواب الشعب أم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أم المحكمة الدّستورية ؟.

لقد غذّى هذا الجدل معطيين واحد قانوني دستوري وهو انتخاب الرئيس سعيد وحكمه لمدة وفق دستور 27 جانفي 2014 قبل أن يعوض بدستور 25 جويلية 2022 الذي خلا من أحكام انتقالية تنظم هذه المسألة، وآخر سياسي تمثل في صمت رئيس الجمهورية عن الإدلاء بتصريح عن هذه المسألة، وفيما خلفته كلمته التي أدلى بها يوم 6 افريل 2023 بمدينة المنستير بمناسبة الذكرى 23 لوفاة الرّئيس الحبيب بورقيبة من لغط سياسيا كبيرا حينما قال ” لست مستعدا لأن اسلم وطني لمن لا وطنية له”. يتمثل المعطى القانوني الدّستوري المغذي لهذا الجدل الذي لم يهدأ – رغم تأكيد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بأنّ الانتخابات الرّئاسية ستُجرى في موعدها (في خريف 2024)- في سكوت الأحكام الانتقالية لدستور 26 جويلية 2022 عن التعرض لهذه المسالة ،والتي طرحت بسبب إيقاف العمل بدستور 27 جانفي 2014 قبل انتهاء مدّة رئاسة الرّئيس قيس سعيد وفي الأثناء دخول دستور جديد حيز الإنفاذ بتاريخ 22 جانفي 2022. تنص الفقرة الأولى من الفصل 75 من دستور 27 جانفي 2014 على انه ” “ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمسة أعوام خلال الأيام الستين الأخيرة من المدة الرئاسية انتخابا عاما، حرا، مباشرا، سريا، نزيها، وشفافا، وبالأغلبية المطلقة للأصوات”. حيث انه قبل احترام تطبيق هذا النص وتنفيذه من الناحية الإجرائية توفي الرّئيس محمد الباجي قايد السبسي ،فتولى الرّئاسة مؤقتا محمد الناصر رئيس مجلس نوّاب الشعب فاصدر تبعا لذلك أمرا رئاسيا عـــدد 122 لسنة 2019 مؤرّخ في 31 جويلية 2019 يدعو بموجبه الناخبين للانتخابات الرئاسية لسنة2019 ،السابقة لأوانها والتي سيُجرى اقتراعها للدورة الأولى داخل الجمهوريّة يوم الأحد 15 سبتمبر 2019، وبالخارج أيّام الجمعة والسبت والأحد 13 و14 و15 سبتمبر 2019. وحيث فاز الرئيس قيس سعيد برئاسة الجمهورية وهو ما يعني أن عهدته الرئاسية ستنتهي عند تاريخ تنظيم الدور الأول للانتخابات الرئاسة وهو 15 سبتمبر 2024 . من الناحية القانونية الدستورية : تنص الفقرة الأولى من 27 جانفي 2014 على انه “ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمسة أعوام خلال الأيام الستين الأخيرة من المدة الرئاسية انتخابا عاما، حرا، مباشرا، سريا، نزيها، وشفافا، وبالأغلبية المطلقة للأصوات”. وتنص الفقرة الأولى من الفصل 90 من دستور 25 جويلية 2022 على انه “ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمسة أعوام انتخابا عاما، حرا، مباشرا، سريا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من المدة الرئاسية”. إن الالتباس الحاصل في ذهن البعض من القانونيين والسياسيين أساسه سؤال كيف يمكن تفسير استيعاب دستور 25 جويلية 2022 الجديد لأحكام مثل المدة الرئاسية من دستور 27 جانفي 2014 الملغى؟ . للإجابة على هذا السؤال لابد أن نستحضر ثلاث مبادئ كبرى وهي: استمرار شرعية المؤسسات والأعمال ودخول الأحكام القانونية في المستقبل دون تصريح بذلك والقواعد الدستورية العليا والآمرة . تأسيسا على ذلك ،التصويت على الدّستور الجديد وإنفاذه بتاريخ 25 جويلية 2022 بما في ذلك أحكام بداية المدة الرئاسية ليس من قواطع الزمن يمكن أن تفتح بها آجال جديدة لرئاسة قيس سعيد. وعليه فان شرعية رئاسة الجمهورية أساسها شرعي فإيقاف العمل بالقاعدة القانونية الدستورية التي أتت به لا يقوّض جوهرها وهو الالتزام بزمنها حتى وان دخلت عليها قاعدة قانونية جديدة ولا يمكن أن نتحدث هنا عن تنازع قاعدتين دستوريتين، حيث تبقى القاعدة القديمة نافذة إلى أن تحل المدة الرئاسية المقبلة فتنفذ أحكام الدستور الجديد في هذه المسالة. يحمي هذا التأويل ويجسده التوجه السياسي لرئيس الجمهورية بتنظيم الانتخابات في موعدها. من الناحية السياسية : أما من الناحية السياسية فمن المفيد للرئيس قيس سعيد والممارسة السياسية أن تتم الانتخابات الرئاسية في خريف (سبتمبر ) 2024 أولا لدفع كل الشكوك والاتهامات الموجهة له والتي مفادها رغبته في التفرد بالسلطة عبر تأجيل الانتخابات والزج بمنافسيه في الرئاسية من المعارضين في السّجن. فاحترام موعد الانتخابات الرئاسية يسقط كل ذرائع التعبئة السياسية والحقوقية الداخلية والخارجية ضده وتسقط كل تشكيك في تمشيه السياسي والدستوري. أضف إلى ذلك ، التأكيد الجازم لتاريخ الانتخاب المستخلص من تصريحات الهيأة المستقلة للانتخابات سواء في شخص رئيسها فاروق بوعسكر أو عبر احد أعضائها التليلي المنصري . بهذه التصريحات وضعت الهيئاة رئيس الجمهورية أمام أمر الواقع فان خرج رئيس الجمهورية ورفض هذه التصريحات فانه سيعمق ذلك التشكيك في استقلال الهيئة ونزاهتها وهذا يعمق التشكيك في كل الأعمال التي أنجزتها الهيئة بداية من الاستفتاء على الدستور مرورا بالانتخابات التشريعية وصولا إلى الانتخابات المحلية. دور المحكمة الدستورية في تأويل الدستور : اعتبر أن جزء كبير من هذا الجدل الدستوري سببه غياب المحكمة الدّستورية التي في وجودها يمكن أن يعرض عليها طلب التأويل الدّستوري فتقدم رايها الذي يمكن الاستئناس به الآن وفي المستقبل باعتباره فقه قضاء دستوري. رئيس الجمهورية هو من يدعو الناخبين رئيس الجمهورية هو من يدعو الناخبين هو السلطة التي تملك صلاحية اتخاذ أمر دعوة الناخبين للإدلاء بأصواتهم. وتطبيقا لهذا على رئيس الجمهورية دستوريا أن يصدر هذا الأمر في اجل أقصاه 15 جوان 2024 . على انه يمكن يتأخر بعض الأيام لكن في كل الأحوال لابد أن تنجز الانتخابات قبل نهاية 2024 . الهيأة العليا المستقلة للانتخابات: هل الهيأة العليا المستقلة للانتخابات هي التي تحدد تاريخ الانتخابات ؟. الهيأة مقيدة بصدور أمر دعوة الناخبين الذي يتخذه رئيس الجمهورية. عندما يصدر الأمر تعد الهيأة رزنامة الانتخابات وتشرف عليها وتديرها. فمن الممكن أن تراسل رئيس الجمهورية في اجل معقول تطلب منه إصدار هذا الأمر حتى يكون لها متسع من الوقت لإعداد رزنامة للدورين.

**رابح الخرايفي أستاذ مساعد في القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بجندوبة

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة