الوسلاتي يدعو الى ضرورة الكشف عن حجم التعويضات ومن تمتّع بها

0
514

في مثل هذا اليوم من سنة 2011 صدر أوّل مرسوم بعد 14 جانفي إثر حصول رئيس مجلس النواب أنذاك فؤاد المبزع على تفويض من طرف مجلسي النواب والمستشارين في ذلك الوقت قبل أن يحلهّما سي فؤاد بعد انتقاله من باردو الى قرطاج…هذا المرسوم الذي جاء باقتراح من وزير العدل لزهر القروي الشابي وبعد أخذ رأي وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي ووزير الداخلية فرحات الراجحي صنّف المنتفعين بهذا العفو الى 12 صنف جاء في مقدمتهم ” كل من حكم عليه أو كان محل تتبع قضائي لدى المحاكم على اختلاف درجاتها وأصنافها، قبل 14 جانفي 2011 حتى الأشخاص الذين اعتدوا على أمن الدولة الداخلي( الفقرة 1 من الفصل الأول) يعني الذين رفعوا السلاح ضد الدولة وفي مقدمتهم جماعة سليمان وأبو عياض… ونص المرسوم في فصله الثاني “لكل من سيشملهم العفو العام طبقا لهذا المرسوم الحق في العودة للعمل وفي طلب التعويض”.وكان الواجب يفترض التدقيق مليا في قائمة المنتفعين حتى لا يحرم من يستحق من حقّه ولا يتمتّع بهذا الإجراء من لا يستحق…ولكن ضغط الثورجيين ومن يدّعون الدفاع عن حقوق الانسان وفي ظل “عربدة الضواء” وارتفاع أصوات “الغوغائيين” أذعنت حكومة محمد الغنوشي الى الاستجابة لهذه الدعوات قبل استقالتها في 27 فيفري 2011…

ولمّا استقام الأمر لراشد الغنوشي وجماعته عملوا على سن قانون للعدالة الانتقالية صادق عليه المجلس التأسيسي في ديسمبر 2013 لينص في الفصل 41 على احداث صندوق يسمى “صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد” أو بالأحرى ” صندوق التعويضات” وقامت حركة النهضة بتعيين سهام بن سدرين على ٍرأس أخطر هيئة ” أي هيئة الحقيقة والكرامة” لتصفية حساباتها مع نظامي بورقيبة وبن علي والجميع يعرف ما ذا فعلت طيلة اشرافها على هذه الهيئة من تزوير للحقائق وللتاريخ وقبل مغادرتها قامت بإصدار مقررات لفائدة حوالي 30.000 شخص لتمتيعهم بتعويضات مجزية…وازدادت ضغوطات حركة النهضة لتفعيل هذا الصندوق وإصدار الأمر المنظّم له واغتنمت فترة انقلاب يوسف الشاهد على الباجي قائد السبسي وارتمائه في أحضانها لتفرض عليه اصدار أمر بتاريخ 2 مارس 2018 أي في ذكرى احياء الحزب الحر الدستوري الجديد في قصر هلال من سنة 1934…

ينص الأمر على أن “يتولى الصندوق المساهمة في جبر الضرر والتكفل بالتعويض لضحايا الاستبداد” ويقع تمويل الصندوق من ميزانية الدولة ومن الأموال المتأتية من تنفيذ القرارات التحكيمية الصادرة عن لجنة التحكيم والمصالحة المحدثة بمقتضى الفصل 45 من قانون العدالة الانتقالية ومن الهبات والتبرعات والعطايا غير المشروطة…وبضغط من كتلة النهضة داخل مجلس نواب الشعب وهي التي أصبحت الأولى بعد تفكك كتلة نداء تونس تم تضمين مبلغ 10 ملايين دينار في ميزانية 2019 للتعويضات…وليلة احياء عيد الشهداء يوم 9 افريل 2021 الذي نادى ببرلمان تونسي وجه رئيس المجلس المجمّد راشد الغنوشي مراسلة الى رئيس الحكومة هشام المشيشي يطالبه فيها بالإسراع بتوفير المستلزمات اللوجستية للصندوق وهوما اعتبره العديد من الملاحظين “محاولة مشبوهة من رئيس حركة النهضة لاستنزاف ميزانية البلاد التي تشهد عجزا كبيرا وحالة ضعف متفاقمة، نتيجة تداعيات فيروس كورونا واستفحال الأزمة السياسية بشكل غير مسبوق”…ثمّ طلع علينا رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني مهددا ومزبدا ومرعدا ليضرب موعد 25 جويلية 2021 الذي يتزامن مع الاحتفال بذكرى الجمهورية( لا حظوا هم يختارون التواريخ الهامة 2 مارس، 9 افريل و25 جويلية بغية ترذيل الأعياد الوطنية والمناسبات التاريخية) لتمويل الصندوق…ولكن الإخشيدي استبق الأمر وأعلن عن نهاية العبث النهضاوي وعليه الاذن بالتدقيق في حقيقة أموال التعويضات وان كانت ذهبت فعلا لمستحقيها ونشر قائمة المنتفعين بها.وللتذكير فقد كشف رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد في مذكراته “الحبيب الصيد في حديث الذاكرة “أن مرسوم العفو العام الصادر في فيفري سنة 2011 اتسم بنوع من الارتجالية و أنّ القائمة الإجمالية للمساجين من سياسيين و نقابيين و حقوقيين تضمنت حوالي 1200 شخص مدانين بموجب أحكام قانون الإرهاب و منهم من كان محكوما بالإعدام.

*** ابراهيم الوسلاتي صحفي ومحلل سياسي