على اثر سلسلة من الاتصالات قام بها موقع تونيزي تيليغراف مع مجموعة من الوزراء في حكومة السيد الياس الفخفاخ حول ما يتم تداوله فيما يخص القيام بحملة على الفساد تطال حيتان التهريب ووالمتهربين جبائيا والمورطين في قضايا تبييض الأموال تبين لنا ان هناك نية للقيام بهذه الخطوة الهامة التي وعد بها رئيس الحكومة في أكثر من مناسبة مع الحرص على تأكيدهم ان العملية سوف لن تأخذ منحى فضائحيا يعتمد على التشهير وتقديمها على انها حملة شبيهة بليلة السكاكين الطويلة .
لقد فتح الناطق الرسمي بإسم التيار الديمقراطي محمد عمار الباب لهذه التكهنات وهو يعلن إن الحكومة ستفتح قريبا ملف فساد كبير جدا لشخصية اقتصادية ورأسمالية كبيرة في تونس.
وأضاف، خلال مداخلة بإذاعة “جوهرة أف أم” أن الحرب الحقيقية على الفساد ستبدأ في الفترة القادمة، .
عمار ذهب الى أبعد من ذلك بكثير وهو يوصف طبيعة القضية “الحكومة تعمل منذ شهرين على كل الواجهات بكل جدية ومنكبة على كل الملفات ولن ترحم احدا في موضوع الفساد واسترجاع اموال المجموعة الوطنية”
وخلافا لما ذهب اليه هذا النائب الذي ينتمي للحزب الذي يتزعمه محمد عبو وزير الوظيفة العمومية والاصلاح الاداري ومكافحة الفساد فان المسألة ستأخذ بعدا هادئا تكون فيها الكلمة الفصل للعدالة الناجزة وتحت مبدأ كل متهم برئ حتى تثبت ادانته وبالتالي فان العملية ستسغرق وقتا طويلا حتى تخرج النتائج الى السطح ووفقا للخبراء والعارفين بمثل هذه الملفات المتعلقة بالفساد تأخذ وقتا طويلا للكشف عن الجريمة والوصول الى الأدلة الدامغة وتتراوح المدة ما بين ال3 و7 سنوات لكي تنتصر العدالة في النهاية .
لقد شرعت العديد من وسائل الاعلام بالتبشير بما أسمته بالحملة على الحيتان الكبيرة حتى انها حددت الملفات وأشارت الى جهات وأسماء وطبيعة القضايا وهو ما اتفق على نفيه كل من اتصلنا بهم في حكومة الفخفاخ فالمسألة تتطلب الكثير من التروي والهدف منها هو ضرب الفساد في مقتل بعيدا عن عقلية التصفيات للخصوم السياسيين والتشفي
لقد انطلقت الاجتماعات بعد لاعداد الأرضية السليمة بشريا ولوجستيا وقانونيا لخوض هذه المعركة التي لن تكون سهلة
لقد حذر حذّر شوقي الطبيب، رئيس الهيئة الوطنية التونسية لمكافحة الفساد، في أكثر من مناسبة من تحول تونس قريبا إلى “دولة مافيوزية” إذا لم يتم ضبط إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد.
وحسب الطبيب فان تونس تخسر 9 مليار دينار سنويا بسبب الفساد الذي تغلغل في دواليب الدولة ويحتاج إلى مجهود سنوات طويلة للحد منه، لكن هذا لا يمنع من الإقرار بأن هناك فشلا إلى درجة ما في القضاء عليه سواء بسبب غياب الارادة السياسية او العجز امام تراكم الملفات في أروقة المحاكم
حتى ان منظمة الشفافية الدولية في تقريرها الأخير، أشارت إنه لم يتم محاسبة إلا أعداد قليلة من الفاسدين، خاصة ممن لهم نوع من الحصانة السياسية
لقد انطلقت الاستعدادات لاعداد العدة لحملة لا نعرفها مداها او نتائجها مسبقا للقضاء على الفساد او محاصرته ومنع تمدده في اجهزة الدولة اذ تم خلال جلسة عمل إنعقدت يوم الثلاثاء الماضي بقصر الحكومة بالقصبة، ضمت رئيس الحكومه إلياس الفخفاخ وبحضور وزيرة العدل ثريا الجريبي ووزير الداخلية هشام المشيشي ووزير أملاك الدولة والشؤون العقارية غازي الشواشي ووزير الدولة المكلف بالوظيفة العمومية ومكافحة الفساد محمد عبو والوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بحقوق الانسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني العياشي الهمامي؛ التباحث في آليات السياسة الجزائية للدولة في علاقة بمقاومة الجريمة والفساد وطبقا لأولويات الحكومة المذكورة بالوثيقة التعاقدية.
لقد بدأت الحكومة تتحرك ولكن بحذر شديد ربما خوفا من الارتدادات السلبية التي عرفتها الحملات السابقة ولكن الأمر اليوم يتطلب تحركا أسرع مع الحفاظ على الثبات وحتى لا يتسع الخرق على الراتق
*** تنويه
ليلة السكاكين الطويلة (بالألمانية: Nacht der langen Messer) أو “عملية الطائر الطنان” أو ما يعرف بالألمانية بـ”روم بوتش”، هي عملية تطهير وقعت في ألمانيا النازية بين 30 جوان و 2 جويلية 1934، نفذ فيها أدولف هتلر وبتشجيع من هيرمان غورينغ وهاينريش هيملر سلسلة من عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء لأجل تعزيز قبضته على السلطة في ألمانيا، وكذلك للتخفيف من مخاوف الجيش الألماني حول دور إرنست روم وكتيبة العاصفة(إس أ)، التي هي قوة شبه عسكرية تابعة للحزب النازي. ولقد عرضت الدعاية النازية عمليات القتل كإجراء وقائي ضد انقلاب وشيك مزعوم من قبل إس أ تحت قيادة روم.
معظم عمليات القتل نفذت بواسطة القوات شبه العسكرية شوتزشتافل (إس إس) تحت قيادة هملر، والغيستابو والشرطة سرية. كان القتلى مجموعة من قادة كتيبة العاصفة، وأبرزهم إرنست روم، الذي يعد من أبرز حلفاء وداعمي هتلر. وقتل أيضاً أعضاء بارزين في الحزب النازي ذوي توجه اشتراكي رادكيالي من بينهم جريجور ستراسر، إضافة إلى سياسيين محافظين ومناهضين للنازية مثل المستشار السابق كورت فون شلايشر، والسياسي البافاري غوستاف ريتر فون كهر الذي أفشل انقلاب هتلر في ميونخ سنة 1923. واستهدفت عمليات قتل قادة إس أ إلى تحسين صورة حكومة هتلر أمام المواطنيين الألمان الذين ازدات انتقاداتهم لأساليب إس أ المخيفة.