Accueilالاولىالائتلاف المدني لمناهضة مشروع المصالح الاقتصادية : سنتحرك على جميع المستويات

الائتلاف المدني لمناهضة مشروع المصالح الاقتصادية : سنتحرك على جميع المستويات

اعلن الاتلاف المدني عن الشروع في الدخول في  سلسلة من التحركات السلمية والمدنية لاجهاض مشروع المصالحة الاقتصادية الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يوم 20 مارس الماضي

وقدم الائتلاف اليوم في ندوة صحفية جملة المؤاخذات التي راها في هذا المشروع الذي اعتبره عملية تبييض  لمنظومة الفساد السابقة

وفي ما يلي اهم المؤاخذات التي قدمها الائتلاف

أولا  الاخلالات الدستورية

 خرق الفقرة الأولى من توطئة الدستور

لقد اقر الدستور التونسي الابتعاد عن “الحيف والظلم والقطع مع الفساد”، إلا ان مشروع قانون المصالحة يشكل في مؤداه عفوا على الانتهاكات (الفصل الاول من المشروع) والأفعال (الفصل الثاني من المشروع) المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام. وعليه يتجلى ان المشروع لا يتجاهل فقط هذا الالتزام الدستوري، بل يناقضه مباشرة

 خرق مبدأ الحكم الرشيد

لقد تمت الاشارة صراحة الى الحكم الرشيد بالفقرة الثالثة من توطئة الدستور، من المسلم به انه من أوكد مقتضيات الحكم الرشيد: المسؤولية والمحاسبة والشفافية، الا ان فصول المشروع تكرس نقيض مفهوم الحكم الرشيد وخاصة منها الفصول 1،2،7 و8

 خرق مبدأ التشاركية في ادارة النظام الجمهوري الديمقراطي للبلاد والمنصوص عليه صراحة بالفقرة الثالثة من التوطئة

ان مشروع قانون المصالحة يهم مباشرة وبصفة واضحة على الاقل ثلاثة هياكل: هيئة الحقيقة والكرامة، الهيئة الوطنية لمقاومة الرشوة والفساد، لجنة المصادرة . ويعلم الكافة انه لم تقع استشارة ايا منها، لا سيما في ظل تقاطع الصلاحيات بين لجنة المصالحة المذكورة بالمشروع مع لجنة التحكيم والمصالحة داخل هيئة الحقيقة والكرامة، فضلا عن ان التركيبة في لجنة المصالحة ثلثها من هيئة (هيئة الحقيقة والكرامة) لم تستشر، علاوة على عدم ترتيب اي اثر على غياب اعضائها يضاف الى ذلك ان التشريع

العام المتعلق بمقاومة الفساد والرشوة والعدالة الانتقالية لا ينفصل عن النظام الدستوري العام (يراجع فقه قضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين بخصوص قانون المجلس الاعلى للقضاء عندما اعتبر ان القانون المتعلق بهيئة القضاء العدلي لا ينفصل عن النظام الدستوري العام). وهذا التمشي الى جانب مؤشرات اخرى يشكل برهانا واضحا على ان المشروع الماثل عمودي ومسقط

 خرق مبدأي الفصل و التوازن بين السلط

ان الفصل والتوازن بين السلط منصوص عليه صراحة بالفقرة الثالثة من توطئة الدستور، إلا انه بمراجعة تركيبة لجنة المصالحة موضوع المشروع يتضح انها تتركب بالأساس من ممثلين عن السلطة التنفيذية، مع تعمد اقصاء السلطتين التشريعية والقضائية، وهو ما يشكل خرقا لتوطئة الدستور هذا التوجه الهجين يخالف ارادة السلطة التأسيسية بعد الثورة التي جعلت الهيئات واللجان المرتبطة بالثورة وانجاز اهدافها تداخلت في تركيبتها ومناقشة تأسيسها السلط الثلاث: تشريعية، تنفيذية، قضائية(مثلا في لجنة المصادرة ، المجلس الاعلى للقضاء، الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، المحكمة الدستورية، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الهايكا

 خرق الفصل 10 من الدستور

يتضمن الفصل 10 من الدستور ثلاث نقاط هامة وهي ضمان استخلاص الضريبة و مقاومة التهرب والغش الجبائيين، الى جانب حسن التصرف في المال العمومي، واخيرا منع الفساد

هذه  الالتزامات العديدة والصريحة الدستورية  قد نسفها مشروع قانون المصالحة كلها، ذلك ان المشروع لا يرتب أي نتيجة أو عقوبة (جزائية او مدنية او مالية او ادارية…) على الاعتداء على المال العام والفساد المالي (الفصلان 1 و2 من المشروع)، بل ويشمل حتى الموظفين العموميين أشباههم في مخالفة للنصوص العامة وقانون الصرف واستتباعاتها في الاداء والخطايا (الفصلين 7 و8 من مشروع قانون المصالحة)

ومن المفيد توضيح ان مفهوم الموظف العمومي وشبهه حسب المجلة الجزائية يعني موظفي الادارات المركزية والجهوية والمحلية، الوزراء واعضاء الدواوين، كتاب الدولة، الرؤساء والرؤساء المديرين العامين للمؤسسات الادارية والمنشئات العمومية والقضاة وقوات الامن الداخلي والديوانة والسفراء والقناصل والولاة والمعتمدين والعمد

وهو ما يعكس بداهة تحصين وحصانة للاجزاء والمكونات الرئيسية لمنظومة الفساد لنظام بن علي

 خرق مبدأ المساواة

لقد نص الفصل 21 من الدستور على ان “المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء امام القانون من غير تمييز”

وغني عن البيان ان بقية مكونات منظومة الفساد تعيش تمييزا غير مبرر عند استثنائها من مجال العفو التشريعي موضوع مشروع القانون ومن تلك المكونات الاعلاميين والمحامين وبعض المهن الحرة الاخرى كالخبراء المحاسبين

 خرق مبدأ الشفافية

وهو مبدأ لا ينفصل عن مبدأ الحكم الرشيد المنصوص عليه بتوطئة الدستور، كما هو منصوص عليه بالفصل 15 من ذات المرجع من ضمن مبادئ المرفق العام ولا جدال في ان لجنة المصالحة ضمن مشروع القانون تشكل هيئة ادارية (تركيبة وصلاحيات واجراءات) وتهدف المصلحة العامة وهي تابعة في جميع الاوجه للدولة بما يصيرها بالضرورة مرفقا عاما

و بالاضافة الى ما تقدم ومن خلال مشروع القانون وخصوصا الفصل التاسع منه، يتأكد ان اعمال اللجنة ستكون مغلقة ولا رقيب عليها

كما ان التقرير الختامي للجنة لا يحال إلا على رئيس الحكومة وهيئة الحقيقة والكرامة، ولا ينشر في الرائد الرسمي، ولا يناقش حتى في مجلس نواب الشعب، والحال ان التوجه العام للدولة ما بعد الثورة هو نشر التقارير للهيئات بالرائد الرسمي وللعموم وحتى عرضها على مجلس نواب الشعب، كما هو منصوص عليه صراحة بالدستور مثال ذلك في خصوص مكونات المجلس الاعلى للقضاء : فقرة 3 من الفصل 114 من الدستور، 115 فقرة 3 و116 فقرة 2 و117 فقرة 3، وكما هو الحال بالنسبة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات الملزمة بعد كل انتخابات بنشر تقرير مفصلا لاعمالها. والامر ذاته بالنسبة للهيئات الدستورية المستقلة جميعها المشمولة بالباب السادس من الدستور، فهي مدعوة لتقديم تقارير سنوية للمجلس التشريعي وتناقشها امامه

 خرق حق التقاضي وإفراغه من مضمونه

ان لجنة المصالحة  في مشروع القانون تشكل كما سبق بيانه هيئة ادارية (التركيبة، التسمية، الاجراءات) لا تخضع في اعمالها لأي رقابة قضائية مهما كان نوعها (الفصل 5 فقرة3 من المشروع)، مما يشكل خرقا لحق التقاضي (الفقرة الثانية من الفصل 108 من الدستور) وعلى درجتين كما هو مضمون بالفقرة الثالثة من الفصل 108 من الدستور. ويكون بذلك مشروع قانون المصالحة قد خرق خرقا فاحشا الفصل 49 من الدستور الذي يمنع افراغ الحقوق من مضمونها، مهما كانت درجات تقييدها. وعلاوة على ما ذكر فان مشروع القانون يخرق الفصل 110 من الدستور الذي يمنع “سن اجراءات استثنائية من شأنها المساس بمبادئ المحاكمة العادلة”. وبمراجعة المشروع يتجلى انه سن اجراءات استثنائية وينسف المحاكمة العادلة من اصلها

 خرق منظومة العدالة الانتقالية الواردة بالفصل 148 فقرة 9 من الدستور

اوجب هذا الفصل احترام منظومة العدالة الانتقالية سابقة الوضع، والحال ان المشروع وخاصة الفصول 1،2،3فقرة اولى،افرغها من مضمونها واجراءاتها ومبادئها ومقاصدها. يضاف الى ذلك ان القانون الاساسي المتعلق بالعدالة الانتقالية لسنة 2013 يندرج ضمن النظام الدستوري العام طبق فقه قضاء الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين، مما لا يجوز معه الاعتداء على تلك المنظومة

ثانيا: تعارض المشروع مع المنظومة التشريعية

 غياب دراسة الجدوى والمردودية

بمراجعة الفصل الاول من المشروع والذي يعد بمثابة شرح الاسباب والمتضمن انه يهدف في مؤداه الى “النهوض بالاقتصاد والتشجيع على الاستثمار”، تبرز ضرورة تبيان الجدوى والمردودية المنتظرتين من هذا المشروع. وغني عن البيان ان العمل التشريعي الحديث خاصة اذا تعلق بالمجالين المالي والاقتصادي يفرض هذه الدراسة

 غموض مجال التعهد

لم يحدد مشروع القانون مفهوم الفساد المالي والاعتداء على المال العام خاصة بعد ان استبعد جريمتي الرشوة والاستيلاء على الاموال العمومية. وهذا يؤدي الى اسناد سلطة مطلقة الى لجنة المصالحة المحدثة بالفصل الرابع من هذا القانون في قبول الملفات ورفضها. فمجال تدخلها واسع غير محدد بموجب القانون ولا يقبل الطعن باي وسيلة. كما انها تتعارض مع لجنة التحكيم والمصالحة المحدثة داخل هيئة الحقيقة والكرامة بمقتضى الفصل 45 من قانون العدالة الانتقالية

هذا الاختصاص المطلق للجنة المصالحة يخرق مبدأ المساواة بين المتقاضين ويفتح للانزلاقات والتمييز ويكرس التعامل الانتقائي مع الملفات

 غموض المجال الزمني

لا جدال في ان النص الماثل يعد نصا ظرفيا، الا ان المشروع الماثل لا يحدد تطبيق النص في الزمن، لا بداية ولا نهاية، خلافا مثلا القانون الاساسي للعدالة الانتقالية الذي حددها منطلقا من سنة 1955 الى حدود سنة 2013

 الافلات من العقاب

 يمنح مشروع القانون عفوا بدون موجب للموظفين العموميين وشبههم بمجرد صدوره بدون أي إجراء من طرفهم في التفاف واضح على استحقاقات الثورة وتكريس للافلات من العقاب والتشجيع على الفساد والمداومة علية

كما يدخل هذا المشروع في تخلي للدولة التونسية وخاصة منها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادقت عليها سنة 2004 ويعرقل المجهودات المبذولة لاسترداد اصول الاموال المهربة ويثني المستثمرين الاجانب للاستثمار في دولة تشرع على الافلات من العقاب وعلى الفساد على نطاق واسع

 تفتيت مسار العدالة الانتقالية

ان هذا المشروع ينسف مسار العدالة الانتقالية باحداث هيئة حكومية تختص بالنظر في فئة بعينها من المنتهكين وفي جزء من مسار العدالة الانتقالية وهو المصالحة

 تكريس الخروج عن الشرعية

يحدث هذا القانون لجنة المصالحة دون رقابة تشريعية في اختيار اعضائها ودون امكانية الطعن في قراراتها واعمالها امام اي جهة قضائية كانت

Jamel Arfaoui
Présentation
مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة