خلافا لكل التوقعات : وباء كورونا أثّر سلبا على معدلات المواليد الجدد

0
278

عندما ترددت شعارات “ابقوا في المنزل” خلال فصل الربيع، كانت للبعض تكهنات ساخرة بشأن حدوث طفرة في أعداد المواليد أثناء فترة تفشي مرض “كوفيد-19” الناتج عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد، حسب ما ذكرته صحيفة “فيلادلفيا إنكوايرر” الأمريكية.

كما تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الاقتراحات فيما بينهم حول الاسم الذي يجب أن يتم إطلاقه على جيل المواليد الجديد، حيث اقترح البعض اسم “كورونيال” في مستهل عمرهم، ثم اسم “كوارانتينز” (وهي كلمة قريبة من كلمة “كوارانتين” الإنجليزية، التي تعني الحجر الصحي).

ولكن مع استمرار تفشي فيروس كورونا، صار الاقتصاديون وعلماء الأوبئة لا يعرفون حقا كيف سيؤثر الوباء على معدلات المواليد. وبينما توقع البعض فقدان ما يصل إلى نصف مليون مولود بسبب ما حدث من شطب للوظائف، وحالة القلق السائدة بشأن الصحة العامة، يرى البعض الآخر أن ثمة عوامل أخرى فريدة مصاحبة للوباء قد تؤدي إلى تعقيد الوضع.

وفي جوان الماضي، نشرت مؤسسة “بروكينجز”، وهي مؤسسة غير ربحية معنية بالسياسات العامة، تقريرا توقع حدوث انخفاض في أعداد المواليد بما يتراوح بين 300 ألف و500 ألف طفل، نتيجة لتفشي الوباء. وللوصول إلى هذا العدد، نظر الباحثون في كيفية تأثر معدلات المواليد بعد حدوث كل من “الكساد الكبير” في عام 2008 – وهو ما أدى إلى انخفاض بنسبة تسعة في المائة في أعداد المواليد على مدار الأعوام الأربعة التالية – ووباء “الإنفلونزا الإسبانية” في عام 1918، مما أدى إلى حدوث تراجع بنسبة 12.5 في المائة.

ومن جانبه، قال فيليب ليفاين، الذي شارك في كتابة التقرير، إن النظرية القائلة إن معدلات المواليد سوف ترتفع بسبب الوباء تتعارض مع اقتصاديات الخصوبة، حسب ما نقلته “فيلادلفيا إنكوايرر”.

وأوضح ليفاين، أستاذ الاقتصاد في كلية ويلسلي: “قررنا التحقيق في الأمر واستخلاص استنتاجاتنا… فتوصلنا إلى العكس تماما”، مضيفا أن “الخلاصة الرئيسية التي يجب أن نتوقعها من ذلك هي حدوث انخفاض كبير في أعداد المواليد في العام المقبل”.

ويرى ليفاين أنه من الممكن أن يجادل المرء في أن “كوفيد-19” سيؤدي إلى انخفاض أعداد المواليد بصورة أكبر مما حدث بعد تفشي وباء “الإنفلونزا الإسبانية” في عام 1918، مشيرا إلى أن النشاط الاقتصادي لم يتباطأ خلال فترة تفشي ذلك الوباء؛ لأن الولايات المتحدة كانت تخوض حربا، فكان من الضروري أن تظل المصانع مفتوحة لأنه “من الضروري إنتاج أدوات الحرب”.

من ناحية أخرى، كشف استطلاع للرأي أجراه معهد “جوتماخر” في مطلع ماي، وشمل 2009 من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 و49 عاما، أن أكثر من 40 في المائة من النساء قد غيّرن خططهن بشأن التوقيت الذي يرغبن في الإنجاب فيه، أو عدد الأطفال الذين يرغبن في إنجابهم بسبب الوباء. وفي المقابل، أعرب 17 في المائة ممن شملهن الاستطلاع أنهن يرغبن في إنجاب المزيد من الأطفال، أو زيادة عدد أفراد أسرهن قريبا.

وقالت جينيفر هورني، وهي أستاذة في علوم الأوبئة بجامعة ديلاوير، إن هناك عناصر متداخلة في الأمر.

وأوضحت: “نتوقع، بالفعل، أن نرى انخفاضا في معدلات الخصوبة عندما يكون لدينا انخفاض في التوازن بين العمل والحياة؛ وهو ما يراه الكثير من الناس، على الأرجح. ولكن لدينا أيضا معدلات متزايدة من الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي في بعض الأماكن، مما يقودنا إلى الاعتقاد بأن الناس يمارسون الجنس غير الآمن على نحو متزايد، مع شركاء مختلفين”.

وبينما صنفت هورني “كوفيد-19” بأنه حالة طوارئ صحية عامة، فإن طول فترة تفشي الوباء يجعله مختلفا تماما عن الكوارث الكبرى الأخرى التي قامت بإجراء أبحاث بشأنها في الماضي، مثل الأعاصير.

ونقلت “فيلادلفيا إنكوايرر” عن هورني القول “إن الإجهاد والتأثيرات الصحية العقلية والجسدية الناتجة عن ذلك، ستكون طويلة الأمد بالفعل”.

وأوضحت أليسون بلوم، وهي طبيبة معالجة في مؤسسة “مين لاين” للخصوبة في فيلادلفيا بالولايات المتحدة، أنه بالنسبة لأولئك الذين يسعون إلى الحصول على خدمات المساعدة على الإخصاب، فإن الطلب ظل ثابتا طوال فترة تفشي الوباء.

وقالت بلوم إن “الأشخاص الذين نعمل معهم ظلوا لسنوات وشهور يرغبون في حدوث حمل. وإن الانتظار لمدة شهر ليس خيارا بالنسبة لبعضهم. لذا، فإن الأشخاص الذين يرغبون في تكوين أسرة لا يؤخرون العلاج”، موضحة أنه عندما أوقفت مؤسسة “مين لاين” خدماتها بصورة مؤقتة في شهر مارس الماضي، فإن بعض المرضى الذين يتلقون العلاج هناك صاروا أكثر قلقا.

وأضافت: “إننا نتعامل مع فئة خاصة من المرضى، ومن المهم أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار. فالناس يبحثون عنا، وما نقوم به هو أمر يتأثر بعامل الوقت”.

وفي الوقت الذي ما زال ينتظر فيه الاقتصاديون وعلماء الأوبئة لكي يروا كيف سيؤثر الوباء في النهاية على معدلات المواليد حول العالم على المدى الطويل، فقد بدأت النماذج تظهر بالفعل. وقد انخفضت معدلات الولادات المبكرة في العديد من الدول، وذلك بشكل كبير في بعض الأحيان.

ويرى ليفاين أنه في الحالتين، ستكون هناك تداعيات مهمة بالنسبة لما يحدث لسكان العالم.