هشام جعيط يدعو الى تغيير الدستور وتعديل النظام السياسي

0
373

في حوار لموقع هسبريس المغربي نشر اليوم الثلاثاء قال المفكر التونسي هشام جعيط أن  الأفراد يعتبرون أننا نعيش بين ثنايا وضعية سيئة جدا، يكتنف العنف مختلف جوانبها. ومن أجل ذلك فهو يدعو الى تغيير الدستور وتعديل النظام السياسي وتطوير الاعلام .

يضيف جعيط ” أنا راقبت وعاينت عن قرب وقائع السنوات الأولى للثورة (2011-2012-2013)، كانت المعطيات أكثر فسادا واضطرابا من الوضع الحالي. لم تعرف فقط تلك الفترة جرائم معينة، بل أيضا لم يكن في وسع أيّ مسؤول مهما بلغ شأنه الذهاب إلى مدينة معينة دون أن تعترض سبيله صرخات الحشد.

انطلاقا من سنة 2014، بدأت تظهر ملامح استقرار بفضل التوافق، ثم اطمأن الأفراد: وجد العلمانيون زعيما، وهدأ الإسلاميون من خلال الائتلاف داخل حزب. استمر الوضع بين سنوات 2014 إلى 2018.

ظهرت فيما بعد مشاكل صغيرة نتيجة التدبير السيئ للباجي قائد السبسي حينما أراد نظاما رئاسيا دون امتلاكه الوسائل لتفعيل ذلك دستوريا، إضافة إلى نزوعه “الأسروي الكارثي”.

انطلاقا من سنة 2019، اتضح أن الدستور لا يعمل بكيفية جيدة، إلى جانب تشظي الجسم الحزبي. بهذا الخصوص، لم أفهم أبدا كيف يمكن لدولة الإقرار بوجود أكثر من مائتي حزب.

علاوة على ذلك، نعيش دائما نزاعا مزيفا بين العلمانيين والإسلاميين. انطلاقا من كوني شخصا متقدما في السن، أتبيَّن أن إيقاع الحياة عند التونسيين لم يتغير. وُجِدت دائما نساء محتجبات وغير محتجبات.

لذلك، لا أرى أن تونس مثلت حقا بلدا علمانيا منذ بورقيبة، لأنه داخل بلد علماني، لا يبث القرآن عند افتتاح برنامج إذاعي، ولا صيام رمضان. من جهة أخرى، ينبغي إدراك ارتباط التونسيين بعادات، لكن الجميع ولج مجال السياسة بأفكار خاطئة.

أتساءل، لماذا نرى تجليات هذا الكم من العنف؟ ألاحظ شراسة بعض الفرق داخل البرلمان وفي أمكنة أخرى، مختلف ذلك ينم عن مظاهر لاعقلانية. إن أمكنني استخلاص نتيجة معينة، أقول بأنه إبان بداية عهد الثورة، تسيدت طيلة سنوات فوضى مسيطر عليها، لكن في النهاية نجابه اليوم اضطرابا من نوع ثان. ينبغي، رغم هذا وذاك، الجزم بأن الديمقراطية تحتاج إلى عدالة، ومؤسسات، وجيش، وشرطة، لأن الدولة، تعريفيا، تهذِّب وتردع.

سواء في ألمانيا وانجلترا أو تونس، احتاجت الدولة إلى دِرْع بهدف احترام نفسها واحترام المجتمع. لا يمكننا استباحة ثروات البلد بتركها بين أيادي الأفراد، بل المبادرة إلى تقديم امتيازات لصالح بعض المناطق في إطار مشاريع تشرف عليها الدولة.

للأسف، تفتقد اليوم تونس لرؤية سياسية توجهها بيداغوجية وفكر. الأفظع، لا تتوفر أيّ واحدة بوسعها الارتقاء إلى مستوى مقاربة شاملة تحيط بأمراض الدولة. لا يعرف الشعب كيفية الاختيار، ولا توجد أيضا أمامه اختيارات كثيرة.

لكي يتمكن البلد من العثور على سبيله، أعتقد بضرورة المبادرة إلى تغيير الدستور، واختيار نظام نصف رئاسي ونصف برلماني. يجب في نفس الوقت بلورة نقاش حقيقي ومعقلن وليس مجرد كلمات تسبح في الهواء. ينبغي على الأكثر، تطوير الإعلام، ثم أساسا إدراك كيفية التحلي بالصبر.